26 - 06 - 2024

تباريح | كابوس المقطم

تباريح | كابوس المقطم

(أرشيف المشهد)

22-3-2013 | 20:51

تصور المصريون كل شيء إلا أن تكون الثورة مشنقة لأحلامهم؛ تصوروا أن تضيع ويعود النظام بمشانقه وجحافل أمنه المركزي، لكنهم أبدًا لم يتصوروا أن يستأثر فصيل بالبلاد لتكون الثورة هي المقتول والقاتل.

 لم ينتبه شركاء الميدان وشركاء الهم والدم أنهم سينفضون من نظام مبارك ويستديرون ليقاتلوا بعضهم، هو كابوس يحل بمن عسكر في التحرير وقضى أيامًا وليالي ينتظر بزوغ فجر الحرية، اتفق الجميع في الميدان على أن تختفي كل الرايات ويرفرف وحده علم مصر وأن تختفي كل الهتافات ويعلو هتاف واحد "مصر يا أم، ولادك أهم، دول يفدوكي بالروح والدم" لم يكن بديع والشاطر في الميدان، بل في بيوتهم أو سجونهم يرتعدون ويجهزون بيانات التنصل من الثورة إن فشلت، شركاء الميدان هم الأحق بالحكم وبرسم خطى المستقبل، كان هناك إسلام عفيفي وأسامة ياسين وكل شباب الإخوان الذين عرفناهم أنقياء أطهارًا منفتحين على كل التيارات، فلماذا رضوا بالاختفاء وتركوا الذئاب الكبيرة تحقق مطمعها في نفي الآخر ونفي معنى الوطنية.

صعب على النفس أن تتقبل حصار مقر الإخوان، وصعب على كل مصري حر أن يقبل إهدار نقطة دم واحدة من جريح أوشهيد مهما كان انتماؤه، فالدماء غالية، أغلى من الحكم والسطوة والنفوذ، بل أغلى من أقدس بقعة في الأرض "بيت الله الحرام"، شيء بائس أن نسير كالعميان طبق مخططات غربية مرسومة لإضعاف مصر، وكان يجب على دوائر الحكم أن تدرك أن الترحيب المبالغ فيه من جانب واشنطن بحكم الإخوان ليس من أجل سواد عيونهم ولا طهارة يدهم، بل هو رهان على أن تسير مصر على خطى السودان حيث يتمزق الوطن ويصبح ضحية لصراعات دينية وسياسية مؤلمة.

لم يكن مطلوبًا من جماعة الإخوان إلا أن أن تدرك أنها جزء من نسيج الوطن وليست الوطن، وأن شركاء الثورة لهم حقوق تتجاوز النتيجة الصماء للصناديق، وأن الثورة لها مطالب محددة هي "عيش حرية، عدالة اجتماعية، كرامة انسانية" ولم تكن أبدًا لنقل الحكم من فصيل إلى آخر ولا لاستبدال مبارك بمرسي.

ثار المصريون ضد حكم أفقرهم والحكم الجديد يزيدهم فقرًا، انتفضوا لكبريائهم الجريحة، فإذ بالسلطة الجديدة لا تضع لهم وزنًا، ثاروا من أجل أن تسترد مصر عافيتها، فإذ بها تزيد وهنا على وهن.

على من في السلطة مراجعة أنفسهم قبل أن ينشطر قلب مصر، فلا هم سدنة الوطنية ولا غيرهم متهم في وطنية، ولا هم من كانوا وحدهم في الميادين، بل على حافتها، فالمصريون لن يسمحوا بسرقة أحلامهم.

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان